سر الاقتدار والخلود طيلة 53عاما
بقلم: المحامي عبد المجيد محمد
قبل 53عاما قام ثلاثة مهندسين باسم محمد حنيفنجاد وسعيد محسن وعليأصغر بديعزادكان بعد مطالعة أوضاع المجتمع الإيراني آنذاك ودراسة النضالات السابقة بتأسيس منظمة جديدة اعتمادا على رؤية تأريخية وسياسية واجتماعية ومن خلال دراسة الثوارت التي تكللت بالنجاح في بقية بلدان العالم.
وكانت هذه الفكرة لبضع سنوات وبشكل سري تعمل على البحث والمطالعة والتجنيد وبناء التنظيم. وبعدما توفرت التمهيدات والركائز لإيجاد تنظيم، أسس هؤلاء، منظمة كانوا في صدد تأسيسها. وأطلقت هذه المنظمة التي تأسست في ظل ظروف الكبت الناجمة عن وجود سافاك الشاه عنوان «منظمة مجاهدي خلق الإيرانية» على نفسها.
في أيلول/ سبتمبر 1971 تعرضت منظمة مجاهدي خلق الناشئة أول ضربة قاضية في تأريخها وتكاد تكون المنظمة دمرت برمتها.
وفي 25أيار/ مايو 1972 أعدمت دكتاتورية الشاه المؤسسين الثلاثة وبعض أعضاء المركزية في المنظمة. ونجا عضو وحيد من مركزية المنظمة من الإعدام وهو مسعود رجوي.
وفي 20كانون الثاني/ يناير 1979 تم إطلاق سراح مسعود رجوي من السجن برفقة المجموعة الأخيرة من السجناء السياسيين في عهد الشاه. غير أن قبوع هذا العضو في مركزية مجاهدي خلق في السجن لم يمنعه من القيام بما يتحمله على عاتقه من المسؤوليات حيث قاد المنظمة من داخل السجن من خلال نشاطات مع الأعضاء خارج السجن بواسطة أفراد عوائل السجناء أثناء زياراتهم.
إن سجل منظمة مجاهدي خلق الإيرانية حافل بمختلف العقبات والضربات، الضربات التي دمرت الكثير من المنظمات والتيارات السياسية والأحزاب القوية من دون أدنى شك. ولكن منظمة مجاهدي خلق لم تنته فحسب، وإنما تحتفل اليوم بالذكرى السنوية الـ53 لحياتها أكثر قوة بصفتها بديلا وحيدا لنظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران.
وهناك سؤال يتبادر إلى الذهن وهو: ما هو سر الخلود والاقتدار لمنظمة مجاهدي خلق؟
وقبل الإجابه تجدر الإشارة إلى رد قدمه محمود أحمدينجاد (الرئيس الأسبق لنظام الملالي) على سؤال كان مراسل قد وجهه له في زيارة له بالعراق.
وفي عام آذار/ مارس 2008 زار أحمدينجاد رئيس الجمهورية للنظام في حينه العراق في زيارة رسمية. وبعيد وصوله إلى العراق في مطار بغداد الدولي وجه مراسل عراقي سؤالا: هل سيجري الحديث عن ظروف مجاهدي خلق المقيمين في معسكر أشرف بينكم والسلطات العراقية؟
وسخر رئيس الملالي من سؤال ورد متبخترا: «مجاهدي خلق؟! هل هناك أثر منها بعد؟»
وبرده هذا ينوي الإيحاء بأن مجاهدي خلق أزيلت من تأريخ إيران ولا يعود لها وجود.
وحقيقة الأمر، لقد بذل نظام الشاه في السبعينات من القرن الماضي ونظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران منذ الثمانينات جهد المستطاع لتدمير والقضاء على هذه المنظمة. وفي الثمانينات وفي خضم عمليات الإعدام الجماعي بحق مجاهدي خلق كان الملالي يعلنون ويطلقون دعايات قاضية بأن مجاهدي خلق كانت جماعة كان لها وجود في السنوات الأولى للثورة ولكنها دمرت خلال الثمانينات خاصة في عام 1988 من جراء مجزرة عامة بشعة وليس لها وجود من الأساس!
كما حاول الملالي إلى حد كبير لإيجاد الفصل بين مجاهدي خلق وقاعدتها الشعبية. ولكن في المقابل بما أن مجاهدي خلق كانت تحظى بقاعدة شعبية وبالرغم من أنها كانت تحت عمليات إرهابية وعسكرية للملالي تمكنوا من الحفاظ على موقعها.
وبينما تمت مصادرة جميع الإمكانيات الاجتماعية وحتى الدولية لمجاهدي خلق (من جراء تهمة الإرهاب والتصنيف كمنظمة إرهابية) وفي الوقت الذي صودرت فيه جميع الإمكانيات المالية لها، تمكنت مجاهدي خلق من إعادة حياتها وإحياء ترابطها بقاعدتها الشعبية.
وأرسل المؤسس الرئيسي للمنظمة المعروف بـ«محمد آقا» (السيد محمد) بين أعضاء مجاهدي خلق، في اللحظات الأخيرة من حياتها في السجن، مذكرة كتبها لمن تبقى من أعضاء المنظة ومن ثم اقتيد إلى المشنقة.
وأحد حراس السجن المعروفين آنذاك والذي كان يشاهد مشهد إعدام محمد حنيفنجاد شرح المشهد وقال: كان محمد حنيفنجاد في غاية الطمأنينة والسكنية يتجه نحو ساحة الإعدام كأنه يذهب إلى حفل الزفاف (كتاب التأريخ الإيراني السياسي لـ25عاما بقلم العقيد غلامرضا نجاتي ص406 و407).
وإضافه إلى ذلك، ألف محمد حنيفنجاد مع سعيد محسن مذكرة وأخفاها في مكان بالسجن وتمكنا من إرسالها خارج السجن حيث اعتبرت فيما بعد من الوثائق التأريخية لمجاهدي خلق في متحف المقاومة. وتضمنت المذكرة نقاطا تجيب سر الاقتدار والخلود لمجاهدي خلق.
وتلك المذكرة هي بمثابة الوصية الأخيرة لمؤسسي منظمة مجاهدي خلق حيث تخاطب تلك المذكرة القصيرة، أعضاء من مجاهدي خلق لم يعدموا بعد فضلا عن أعضاء انضموا إلى منظمة حنيفنجاد في وقت لاحق.
وجاء في جانب في تلك المذكرة التأريخية المشتركة:
لا بد من الصمود مهما كانت الظروف وعليكم أن لا تخافوا! عليكم أن تدينوا العدو المتعطش للدم والحقير!
لا بد من تمزيق وتدمير الظلام الذي خيم نفسها على سماء وطننا وأدى إلى الخنق!
وهذه المذكرة رغم أنها قصيرة، ولكنها خطيرة وهامة باعتبارها آخر وصايا للأصحاب الرئيسيين للمنظمة، وتبلغ أهميتها إلى حد نفذها فيما بعد المنضمون إلى مجاهدي خلق قاطبة.
وإلقاء نظرة على الوضع الراهن لمجاهدي خلق في الساحة السياسية في البلاد، دليل واضح لنجاح هذه المنظمة في الحفاظ على وجود هذا التنظيم في النضال المستمر لـ53عاما طبقا لتلك الوصايا.
وتناضل منظمة مجاهدي خلق من أجل إنقاذ وتخليص شعبها من مخالب وحش يدعى «ولاية الفقيه» جعلهم طيلة ما يقارب 40عاما أسرى وعبيدا له، وكما كان مؤسسوها قد أوصى به إن المنظمة تقاوم وتصمد ولا تخاف بل تجعل العدو حقيرا. وعقد أعضاء مجاهدي خلق العزم أن يحققوا طموحات مؤسسيهم تحت قيادة امرأة باسلة ومضحية تدعى مريم رجوي ليمزقوا ويزيلوا الظلام السائد في سماء إيران وأجواء الكبت السائدة فيها من دون شك!